آخر الأحداث والمستجدات
حرية التعبير و جريمة التشهير...
تعتبر حرية الرأي والتعبير والحق في الوصول إلى المعلومة، من الحقوق الأساسية التي يفترض أن يتمتع بها كل فرد في المجتمع، والتي في السياق المغربي يضمنها القانون من خلال الدستور وعدد من القوانين التنظيمية.فحرية الرأي و التعبير تعد سلطة ايجابية داخل منظومة الدولة الاجتماعية،إذ لا يمكن القيد منها الا في حالات شادة ،بيد أن القيود التي تفرض عليها، يجب أن تكون منظمة بموجب القانون، وأن يكون هدفها حماية المصالح العامة أو حقوق الآخرين، وأن تكون ضرورية بوضوح لهذا الغرض.
في المقابل فان حق الشخص في حرمة حياته الخاصة حق مكفول ومضمون في مختلف القوانين والدساتير، وان للشخص كامل الحرية في التصرف ضمن حياته الخاصة انطلاقا من كونها دائرة مغلقة تتمتع بالسرية ولا يجوز لأي شخص ان ينتهك هذه الحرمة .
ولكن بالنظر إلى ما نواجهه اليوم من انتهاكات تستهدف شرف واعتبار الاشخاص بواسطة استخدام التكنولوجيا والانترنت، وبالذات وسائل التواصل الاجتماعي، لجأ المشرع المغربي إلى تجريم التشهير ،حيث تم تجريمه بموجب المواد1-447 ,2-447 , 3-447 من القانون الجنائي المغربي حسث نص الفصل 2 – 447 على ’’يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة للأشخاص أو التشهير بهم‘‘.
وتشمل جريمة التشهير نشر معلومات أو أخبار مهينة أو غالبا غير صحيحة بهدف إلحاق الضرر بسمعة الفرد أو المؤسسة ،و نشر معلومات كاذبة أو مغلوطة تؤثر على سمعة شخص معين ، بحيث يمنع القانون بشكل خاص نشر الأخبار الزائفة أو التشهير الذي يمكن أن يسبب ضررًا للفرد أو للمجتمع.فتجريم التشهير الغرض منه الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وحقوق الأفراد، وتعزز مفهوم العدالة والنزاهة في التعامل مع المعلومات والاتهامات.
نجد أن قضية التشهير في القانون تعتبر واحدة من أكثر القضايا التي تتعامل معها الأنظمة القانونية حول العالم بمزيد من التحدي والتعقيد. إنها قضية تتعامل مع توازن حساس بين حرية التعبير وحقوق الأفراد والجهات في حفظ كرامتهم وسمعتهم.
فالقاعدة الأساسية للمواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تؤكد على أن حرية التعبير، مهما كانت الوسيلة المستعمَلة، لا يمكن تقييدها إلا بموجب القانون، وتأسيسا على ذلك، فالحرية هي الأصل وتقييد هذه الحرية هو الاستثناء.
وبالتالي فحرية التعبير "مقيدة" حتى في القانون الدولي الذي يكرسها، لكن بشروط واضحة تنص على أن يكون هذا "التقييد" ضروريا "لحماية النظام العام والصحة العامة وأن يكون منصوصا عليه في القانون في إطار مجتمع ديمقراطي. وهذا معمول به في الدول الديمقراطية، لكن التحدي المطروح هو ألا تتحول هذه الرغبة في محاربة التشهير إلى فرصة لضرب الحريات، وتكميم أفواه الذين ينتقدون أداء المسؤولين ،فالمسؤول عندما يتولى المهام العمومية فإن حياته الشخصية لا تكون لديها تلك القدسية، وعليه أن يتقبل النقد البناء .
وبالنظر لما تعرضه النصوص القانونية المرتبطة بالحريات العامة والحق في التعبير، يتبين أن حرية التعبير في الفضاء الرقمي، يجب أن تمارس باستحضار الاعتبارات القانونية بما يحفظ الحياة الخاصة للأفراد وحقوقهم ومبادئ المجتمع الديمقراطي ،يجب العمل على تحقيق التوازن بين حرية التعبير وحقوق الضحايا. إن فهم هذه القضية يعكس التزامنا بالقيم والمبادئ الإنسانية وحماية الكرامة البشرية، ويشير إلى الحاجة الملحة للتفكير والنقاش المستمر حول كيفية تطوير الأنظمة القانونية لمواجهة هذا التحدي المعقد.
الكاتب : | عادل بن الحبيب |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2024-04-29 18:06:57 |